الاستاذ الدكتور السعيد عمرو |
لقد اهتمَّ الإسلامُ بقيمةِ العلمِ أيَّما اهتمامٍ، ولقد بلغتْ عنايةُ اللهِ بنَا لرفعِ الجهلِ عنَّا أنْ كانَ أولُ ما نزلَ مِن الوحيِ على نبيِّنَا أعظمَ كلمةٍ هبطَ بهَا جبريلُ هي قولُهُ تعالَى :ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَق" وأمرُ اللهِ بالقراءةِ والعلمِ في أولِ آيةٍ نزلتْ مِن القرآنِ دليلٌ واضحٌ على أهميةِ العلمِ في تكوينِ عقلِ الإنسانِ، وفي رفعهِ إلى المكانةِ الساميةِ.
فلا يستويِ عندَ اللهِ الذي يعلمُ والذي لا يعلمُ، قالَ تعالَى: أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ، وقد رفع اللهُ الذي يطلبُ العلمَ، والذي يعملُ بهِ على غيرِهِ درجاتٍ، قالَ تعالَى: يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبير أي يرفعُ الذينَ أوتُوا العلمَ مِن المؤمنينَ بفضلِ علمِهِم وسابقتِهِم درجاتٍ على مَن سواهُم في الجنةِ.
ولأهميةِ العلمِ والبحثِ العلمِي جعلَ النبي ﷺ فداءَ كلِّ أسيرٍ مِن أسرَى بدرٍ مِمَّن يحسنونَ فنَّ القراءةِ والكتابةِ، أنْ يُعلِّمَ عشرةً مِن أبناءِ الصحابةِ، ولم يقتصرْ اهتمامُ النبيِّ بالحثِّ على تعليمِ العربيةِ فحسب، بل أمرَ بتعلمِ اللغاتِ الأخرَى، وكمَا قِيل:" مَن تعلمَ لغةَ قومٍ أمنَ مكرَهُم" وقد لعنَ رسولُ الله ﷺ الدنيَا بمَن فيهَا إلّا مَن انتسبَ لشرفِ العلمِ فقالَ: "الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ، وَمَا وَالَاهُ، أَوْ عَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا"، وكمَا قِيلَ: كُن عالمًا أو متعلمًا ولا تكنْ الثالثَ فتهلكَ.
وإليك بني الحبيب طالب العلم هذه النصائح:
[1]: حُسنُ النَّيةِ: بأنْ يُحسِنَ الطالبُ النيةَ والقَصدَ في طلب العلم؛ بحيثُ يتعلَّمُ لإنقاذِ نفسِهِ من الجهل، ومعرفةِ الخيرِ والعملِ به، والابتعادِ عن الشر.[2]: تقوى الله وطاعتُه: بفعل ما أمرَ واجتناب ما نهى قال الله تعالى: وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ.
[3]: الدعاءُ: وذلك بأنْ يسألَ اللهَ تعالى العلمَ النافعَ والعملَ الصالح، قال تعالى: وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا.
[4]: الجِدُّ والاجتهاد والصبر في طلب العلمِ: بأنْ يكونَ الطالبُ جادًّا وصبورا في تَعلُّمِه، وهذه بعض من المواقف التي لا تُحصى، تجعل طالب العلم يسعى ولا يكسل.
[5]: حفظُ الأوقاتِ وتنظيمُها والاستفادةُ منها: فالطالبُ المُجِدُّ
هو الذي يستغلُّ الأوقاتِ فيما ينفعُه في دراسته وعلمِه وعملِه.
[6]: تضافر الجُهودِ: والتعاونِ بين
البيتِ والمدرسةِ من أجل نجاحِ العمليةِ التعليميةِ، فعلى المعلم أنْ يجتهدَ في
عمله، وأنْ يكونَ قدوةً حسنةً لطلابه بأقوالِه وأفعالِه؛ وذلك بالحرص على إعطاءِ
الطلابِ العلمَ النافعَ وتربيتَهم على العملِ الصالح ومراقبةِ اللهِ عزَّ وجل.
د.السعيد عمرو
الأستاذ بجامعة الأزهر